مجالس شهر رمضان المبارك (المجلس الثالث والعشرون)
قال الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- :
← ظالم لنفسه وهو الذي يفعل المعاصي التي دون الشرك .
← ومقتصد وهو الذي يأتي بالواجبات ويترك المحرمات، وقد يفعل بعض المكروهات ويترك بعض المستحبات .
← ومنهم سابق بالخيرات، وهذا أعلى الدرجات،
قال تعالى : { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (١٠) أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (١٢) } [الواقعة:١٠-١٢]
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٩٥)
قال الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- :
فلما أطاعوا اللهَ في هذه الدنيا ونجَحُوا في الامتحانِ حصلوا على النتيجةِ العظيمةِ وهي الجنة { جَنَّاتُ عَدْنٍ } جناتٌ وليست جنةً واحدةً، لأن الجنةَ درجاتٌ بعضُها فوقَ بعضٍ وهي جناتٌ كثيرةٌ
{ جَنَّاتُ عَدْنٍ } والعدنُ معناه الإقامة، لأنهم مُقيمون فيها لا يرحلون عنها ولا يخافون فيها ولا يهرمون بل هم شبابٌ دائمٌ وصحةٌ دائمةٌ ولذةٌ دائمةٌ ونعيمٌ دائمٌ وقرةُ عينٍ لا تنقطع .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٩٦)
قال الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- :
أما الجنةُ فإنها ليسَ فيها خوفٌ { لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ } فهم دائمًا في سرورٍ وراحةٍ، واطمئنانِ بالٍ، وليسَ بينهم حسدٌ، وليسَ بينهم بغضاءُ، وليسَ بينهم تنافسٌ، بل هم إخوانٌ على سُرُرٍ متقابلين، ليس بينهم ما بين أهلِ الدنيا من الحسد ومن البغضاء ومن النميمة ومن الوشاية ومن المغالبات، بل هُم أخوةٌ على سُرُرٍ متقابلين، نَزَعَ اللهُ الغلَّ والحقدَ من صدورهم، فلا أحدٌ منهم يجدُ على أخيهِ شيئًا في نفسه أو في قلبِه، وهذا من تمامِ السرورِ ومن تمامِ النعمة .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٩٦)
مجالس شهر رمضان المبارك (المجلس الثاني والعشرون)
قال الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- :
{ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ }[البقرة:٤]
هؤلاء لهم أجران : أجرُ الإيمانِ بالنبيِّ السابق، وأجرُ الإيمانِ بالنبيِّ اللاحق؛ لأن هؤلاءِ ليسَ لهم هدفٌ ولا هوىً إلا إرضاءَ الله -سبحانه وتعالى-، ليس عندهم أهواءٌ ونزعاتٌ ونزواتٌ، مثل اليهودِ المنحرفين والنصارى الضالين، لا يتبعون إلا أهوائهم، وإنما هؤلاء المؤمنون قصدُهمُ الحق، أينما وجدوه أخذوه، فلما بُعِثَ محمدٌ -صلَّى الله عليه وسلم- اتبعوه وآمنوا به .
✉️ مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٩٠)
قال الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- :
فالمؤمنُ لابد أن يأمرَ بالمعروف وينهى عن المنكر بحسب استطاعته ولو بقلبه، فإذا كان يستوي عنده الخيرُ والشر، ويستوي عنده المؤمنون والكافرون، ويستوي عنده الأشرار والأخيار، ويقول : الناسُ أحرار، أنا ما علي إلا من نفسي، هذا ليس بمؤمن، ولا يغارُ لله -عز وجل-، ولا يريدُ الخيرَ للناس، هذا ليس بمؤمن، أو ليسَ وراءَ ذلك من الإيمانِ حبةُ خردل .
✉️ مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٩١)
قال الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- :
فالمسارعةُ إلى الخيرات من صفات أهلِ الإيمان : أن الإنسانَ دائمًا ينشطُ في الخير، ودائمًا يكونُ هو الأولُ في كلِّ خير، إن كان في صلاة، إن كان في صيام، إن كان في جهادٍ في سبيل الله، إن كان في صدقات، إن كان في أي عملِ خير، تجدُهُ يبادر، ولا يتأخرُ ولا يتباطأُ ولا يتكاسل؛ لأن التكاسلَ عن الخير من علامات المنافقين { وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى }،{ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَىٰ }، وفي الآية الأخرى :
{ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ }، يعني : يقبِضُونَها عنِ الصدقات، لا يتصدقون، هذه صفاتُ المنافقين .
✉️ مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٩٢)
مجالس شهر رمضان المبارك (المجلس الحادي والعشرون)
قال الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- :
فالصلاةُ عبادةٌ عظيمةٌ، يحبُّها اللهُ -سبحانه وتعالى-، وهي قرةُ عينِ الرسولِ -صلَّى الله عليه وسلم- لـما فِيها مِنَ الاتصالِ باللهِ -سبحانه وتعالى-، والوقوفِ بين يَدَيهُ ودعائِهِ، والركوعِ والسجودِ، فيجتمعُ في الصلاةِ أنواعٌ من العباداتِ لا توجدُ في غيرها، ولهذا جعلها اللهُ الركن الثاني من أركان الإسلام بعدَ الشهادتين، وجعلها عمودَ الإسلام .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٨٦)
قال الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- :
وبعد صلوات الفرائض صلواتُ النوافِل، فينبغي للمسلمِ أن يكثرَ مِنَ النوافِلِ، ولا يقتصرُ على الفرائِضِ، بل يكثرُ من النوافلِ أيضًا؛ لأنه بحاجةٍ إلى ذلك، وأفضلُ النوافِلِ :
← الرواتبُ التي مع الصلوات .
← ثم بعد الرواتب : الوترُ بالليل، فإنه سنة مؤكدة لا ينبغي تركهُ لا حضرًا ولا سفرًا .
← ثم بعد الوترِ صلاةُ التراويح في رمضانَ ← ثم التهجد بالليل، يتهجد المسلمُ من الليل ما تيسر له، وكُلُّ الليلِ محلٌّ للتهجد .
وصلاة الليل هي أفضلُ النوافل، يختمها بالوتر، يجعلُ آخر قيامِهِ الوتر .
← ثم بعد ذلك صلاةُ الضحى، من حين ترتفعُ الشمس قيدَ رمحٍ، إلى قبيلِ زوالِ الشمسِ بعد وقوفِ الشمسِ في وسطِ السماء .
مختصر من مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة ( ٨٦ إلى ٨٨ )
قال الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- :
قال -صلَّى الله عليه وسلم- : « مَنْ قَامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَمَ مِنْ ذنبِهِِ »، وفي حديثٍ آخر : « من قَامَ مَعَ الأمامِ حتى ينصرفَ كُتِبَ له قيامُ ليلةٍ »، وفي حديثٍ آخر : « من قَام ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِهِ »
← فهذه فضائل عظيمةٌ في هذا الشهرِ العظيم، لاسيما في ليالي العشر، وهي زيادةُ نافلةٍ في عمرِ المسلمِ، فيضيفُ إلى ما كان يعمله في طولِ السنةِ من النوافل، ويُتوِّجه بقيامِ شهرِ رمضانَ المبارك، فهذه غنائمُ للمسلمِ يُتيحُها اللهُ له، ويمكِّنُه منها، فلا يليقُ به أن يضيِّعها؛ لأنه إذا ضيَّعها ضيَّعَ نفسه وضيَّعَ عمره، ولم يستفد من حياته .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٨٨)
مجالس شهر رمضان المبارك (المجلس العشرون)
قال الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- :
العشرُ الأواخرُ من رمضان التي هي أفضلُ الشهر، وقد كان النبي -صلَّى الله عليه وسلم- يخصُّ هذه العشرَ بأعمالٍ جليلةٍ؛ لأنها ختامُ الشهر، ولأنها ليالي الإعتاقِ من النار، ولأنها تُرجى فيها ليلةُ القدر أكثرُ من غيرها .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٨٣)
قال الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- :
فالواجبُ صيانةُ العوائل، ذكورًا وإناثًا في رمضان وفي غيره، ولكن في رمضان تفوتُهُم الأجورُ العظيمةُ والخيراتُ الكثيرةُ التي جعلها الله في هذا الشهر، وفي هذه العشرِ المباركةِ، وإذا خسِروها فاتهُم شيءٌ كثيرٌ من حياتهم، وربما يعتادون على الإهمال والكسل، فلا ينتبهون لأوقاتِ الفضائلِ وأوقاتِ الأعمالِ الصالحة، ويُضيعون وقتهم طول السنة؛ لأنهم نشؤوا على الإهمالِ وعلى الكسلِ وعلى الضياع، فلا يبالون، فتكونُ حياتُهُم كلها كسلاً، وكلها إهمالاً، وكلها عدم مبالاة؛ لأنهم لم يربّوا على الخير، فالتربيةُ على الخير لها أثرٌ كبيرٌ في تنشئة العوائلِ والبيوتِ، والإهمالُ له تأثيرٌ على العوائلِ والبيوت .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٨٤)
قال الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- :
والمساجدُ فيها سرٌ عظيم؛ ولذلك إذا دخلت في المسجد تجد لذةً وتجدُ فيه انشراحَ صدرٍ، وتبتعد عنك الشواغلُ والهموم؛ وهو محلُّ العبادةِ ومأوى الملائكةِ ومهبطُ الرحمة، وهو بيتٌ من بيوتِ الله -عز وجل-، فليكُن لك مع المسجد علاقةٌ، علاقةٌ دائمةٌ، ولاسيما في رمضان، ولاسيما في هذه العشر المباركة .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٨٥)
مجالس شهر رمضان المبارك (المجلس التاسع عشر)
قال الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- :
والجنةُ ليس فيها مرضٌ وليس فيها همٌ، وليس فيها حزنٌ وليس فيها موتٌ، وليس في الجنةِ مشاحّةٌ ولا مشاحنةٌ بين أهلِهَا، بل ينزعُ اللهُ ما في صدورِهِمْ من غِلٍّ، بعضهم على بعض، فيكونون إخوانًا على سرر متقابلين يأنس بعضُهُم ببعضٍ ويفرحُ بعضهم ببعضٍ، ويتآلفون ليس فيها غِلٌّ وليسَ فيها حقدٌ، وليس فيها حسدٌ، وليس فيها بَغْيٌ ولا عدوان .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٨٠)
قال الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- :
قال النبي -صلَّى الله عليه وسلم- : « إن في الجنةِ مالاَ عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلبِ بشر »
قال الله -جل وعلا- : { فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }[السجدة:١٧]
ولاحظوا قوله تعالى: { بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }، إنهم لم يحصلوا على هذا النعيم وهذا السرور إلا بالعمل الصالح، فالجنةُ لا تُنالُ بالكسلِ ولا بالتمني، وإنما تُنالُ بالجدِّ والاجتهادِ والعملِ الصالح .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٨١)
قال الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- :
فالجنةُ طيبةٌ، وهي دارُ الطيبين، أصلُ الأعمالِ الصالحة، الذين استفادوا من حياتهم في هذه الدنيا، واستعدُّوا لآخرتِهِم، وقدَّموا الأعمالَ الصالحة، وتابوا إلى الله من الذنوب والسيئات، فخرجوا من هذه الدنيا بأعمالٍ صالحةٍ وبتوبةٍ صادقةٍ هؤلاء هُمْ أهلُ الجنة .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٨١)
مجالس شهر رمضان المبارك (المجلس الثامن عشر)
قال الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- :
فالصائمون يومَ القيامة يوفون أجورَهُم بغيرِ حسابٍ، أما بقيةُ الأعمالِ فإنها لها حسابٌ، عشرةُ أضعافٍ، سبعمئة ضعفٍ، أكثرُ، أقلُّ، أمَّا الصيامُ فإنه لا حَدَّ لتضعيفه، وهذا لمن حَفِظَ صيامَهُ مِنَ المؤثراتِ والمكدّراتِ، واحتسبَ الأجرَ مِنَ اللهِ -سبحانه وتعالى-.
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٧٧)
قال الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- :
أما الصيامُ فإنه لا ينحصرُ تضعيفُه بعددٍ، بل لا يعلمُ ثوابه إلا الله، فهو مستثنىً من الأعمالِ على هذا الوجه، في أن الأعمالَ تضاعفُ إلى عشرِ حسناتِ إلى سبعمئةِ حسنة، إلى أكثرِ من ذلك، لكن الصيامَ غيرُ محددٍ مضاعفة .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٧٦)
قال الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- :
فلما منعوا أنفسهم في الدنيا من شَهَواتِها، وصَبَروا على الجوعِ والعطشِ طاعةً للهِ -سبحانه وتعالى-، عَوَّضَهُم اللهُ يومَ القيامةِ فقال لهم { كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ }، يعني : بسببِ ما قدمتُم { فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ }، يعني الأيام الماضية، أيامَ الدنيا، وهذا خاصٌّ بالصائمين، يأكلون ويشربون، والناسُ في المحشرِ في الجوعِ والعطشِ والضيقِ والضنكِ، وهم يأكلون على موائِدِهِم ويشربون { كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ }
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٧٨،٧٧)
مجالس شهر رمضان المبارك (المجلس السابع عشر)
قال الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- :
والحاصلُ : أن صلاةَ التراويح سنةٌ مؤكدةٌ، تفعلُ جماعةٌ في المساجد، ولا ينبغي للمسلمِ أن يتخلفَ عنها او يترُكها؛ لأنه يفوتُ عليه خيرٌ كثيرٌ؛ لقوله -صلَّى الله عليه وسلم- : « مَنْ قَامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَمَ مِنْ ذنبِهِِ » ، وقال عليه الصلاة والسلام : « من قَام ليلةَ القدرِ إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِهِ »
وليلةُ القدرِ غير معينةٍ في ليلةٍ من ليالي رمضان، فكُلُّ ليلةٍ يحتملُ أنها هي ليلةُ القدر، فإذا قام جميع ليالي رمضان فإنه يضمن أنه قد قَامَ ليلة القدر، فيحصلُ على قيامِ رمضانَ كلِّه، ويحصلُ على قيامِ ليلةِ القدر .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٧٣،٧٢)
قال الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- :
وكثيرٌ من السلف الصالح - مع اجتهادهم في الأعمال الصالحة - ما كانوا يتركونَ صلاةَ التراويحِ وصلاةَ التهجُّدِ مع الإمام؛ لأنهم يعلمون ما في ذلك مِنَ الأجر، فكانوا يصلون التراويح، ويصلون في آخر الليلِ تهجدًا، وكانوا يطيلونَ القيامَ، حتى رُوي أنهم كانوا يعتمدون على العِصيِّ من طول القيام، وكانوا يربطون الحبالَ بينَ السواري ويتعلقون بها من طولِ القيام، وكانوا لا ينصرفون إلا عند الفجر، حتى إنهم يخشونَ أن يفوتهم السحور .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٧٣)
قال الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- :
فأيُّ فائدةٍ للإنسانِ أنه ينصرف ويتركَ صلاة التراويحِ والتهجد، ثم يذهبُ إما إلى قيلٍ وقالٍ، وإمَّا إلى طمعِ دنيا، وإما إلى غيرِ ذلك ؟
ماذا يستفيدُ من حياته ؟ وأمامَه جنةٌ ونارٌ، وأمامه حسابٌ وأمامه أخطارٌ ومهالكٌ موازينُ تطيشُ بالذرّاتِ، وأمامَهُ صحائفُ أعمالٍ تكتبُ فيها جميع أعمالِهِ، وتُعطى إياه يومَ القيامةِ يقرؤها ويحاسبُ نفسه عليها .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٧٤)
مجالس شهر رمضان المبارك (المجلس السادس عشر)
قال الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- :
المساجدُ هي بيوتُ الله، أضافها اللهُ إلى نفسه في قوله تعالى : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ } [البقرة:١١٤]
وإضافتُها إليه إضافةُ تشريفٍ وتكريمٍ، فهي أشرفُ البقاع، وأحبَّ البقاع إلى الله -سبحانه وتعالى- .
وعمارتُها على نوعين : بالطينِ وموادِ البناءِ، وهذه العمارةُ وسيلةٌ وليست غايةً، وإنما هي وسيلة .
والعمارةُ الثانية : وهي الغاية، عمارتُها بالطاعة وذكرِ اللهِ -عز وجل-، ولهذا قال -جل وعلا- :
{ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ }
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٦٧)
قال الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- :
فليستِ العبرةُ بمتانةِ البناءِ وزخرفتهِ وزينتهِ، وإنما العبرةُ بالنيةِ والقصد، لكن إذا اجتمعَ بناءٌ جيدٌ ونيةٌ صالحةٌ فلا شكَّ أن هذا أحسنَ وأبقى، ليصلِّي فيه أجيالٌ من المسلمين، فإذا اجتمعَ بناءٌ قويٌّ ونيةٌ صالحةٌ، هذا لاشكَّ خيرٌ إلى خيرٍ، لكنَّ المدارَ على النية .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٦٨)
قال الشيخ العلامة صالح الفوزان -حفظه الله- :
لكن -والعياذُ باللهِ- ما بالكُم بأناسٍ يدَّعُون الإسلامَ ويسكنون بجوارِ المساجدِ ولا يدخُلُونَها ؟ لا ليلاً ولا نهارًا، كُلُّ السنةِ أو معظمُ السنةِ لا يدخلون المساجِدَ، وربما لا يدخلونها إلا جنائز ليُصلَّى عليهم إذا ماتوا، مع أن المفروضَ أن هؤلاء لا يصلَّى عليهم؛ لأنهم لا يقيمونَ الصلاةَ، ومن تَرَكَ الصلاةَ متعمدًا فهو كافرٌ، فكان المفروض أن لا يُصلَّى عليه، ولكنَّ المسلمين لا يدرون عن حالِهِم، ويحسنون الظَّنَّ بهم .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٧٠)
مجالس شهر رمضان المبارك (المجلس الخامس عشر)
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- :
والأمورُ بمقاصِدِهَا، فعلى المسلمِ أن يحسنَ القصدَ، وأنْ يخلصَ نيتَهُ، وإذا أحسَّ بشيءٍ مِنَ العجبِ والرياءِ فعليه أن يستغفرَ اللهَ، وأن يتوبَ إلى الله، وأن يخلصَ العملَ لله، وأن لا يكونَ قصدُهُ المدحَ والثناءَ مِنَ الناس، بل عليه أن يخلصَ دائمًا وأبدًا في كل عملٍ يعملُهُ، أن يجاهِدَ نفسَهُ، وأن يبتعدَ عن حبِّ المدحِ وحبِّ الثناءِ وحبِّ التعظيمِ من الناس، وأن يعملَ العملَ خالصًا لوجه الله -عز وجل-، وإلا فإنه سيكونُ تعبًا عليه بلا فائدة .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٦٣)
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- :
نقول : ما دامت لا دليلَ عليها من الكتاب والسنة، ولم يفعلها الرسولُ -صلَّى الله عليه وسلم-، ولم يأمر بها، وليست من هدي الخلفاء الراشدين، فإنها بدعةٌ وضلالةٌ، وليست قربةً إلى الله -سبحانه وتعالى-؛ بل إنها تبعدُ صاحبها عن الله، والله -جل وعلا- لا يرضى بها ولا يُحبها ولا يقبلها؛ لأنها خارجةٌ عن شرعهِ ودينهِ .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٦٤)
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- :
كل من عملِ عملاً ليس على شرعِ الله -سبحانه وتعالى-، مهما كلف به نفسه، ومهما حسُنت نيتهُ وسَلِمَ قصدُهُ، فإن العمل الذي يؤديه غير مشروع، والله -جل وعلا- لا يرضى إلا بما شرع، والله -جل وعلا- أكمل لنا الدين، لم يترك لأحدٍ مجالاً أن يأتي ويجلبَ أشياءَ يستحسِنُها، بل أكملَ لنا الدينَ، فلا يقبلُ الزيادةَ ولا النقصَ، وما توفى الرسولُ -صلَّى الله عليه وسلم- إلا وقد أكملَ اللهُ به الدينَ وأتمَّ به النعمةَ، فمن كان يريدُ الخيرَ والنجاةَ فليتمسك بهذا الدين من غير زيادةٍ ولا نقصٍ، حتى يكونَ على صراطِ الذين أنعم اللهُ عليهم من النبيين والصديقين والشهداءِ والصالحين، وحَسُنَ أولئك رفيقًا .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٦٥)
مجالس شهر رمضان المبارك (المجلس الرابع عشر)
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- :
فيجبُ على المسلمِ أن يكونَ على حذرٍ من هذه النار، وذلك بفعلِ الأسبابِ التي تُنجِيه منها، أما مجردُ الحذرِ والخوفِ، والإنسانُ مقيمٌ على المعاصي والمخالفات، فهذا خوفٌ لا ينفع، قد قال -صلَّى الله عليه وسلم- : « يا معشر قريش، أنقذوا أنفسَكُم من النار، يا عباسُ عمّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، لا أملِكُ لكَ مِنَ اللهِ شيئًا، يا صفية عمَّة رسولِ الله، لا أغني عنك مِنَ اللهِ شيئًا، يا فاطمةَ بنتَ محمدٍ، سليني مِنْ مالي ما شئتِ، لا أُغني عنكِ من الله شيئًا »
فلا ينفعُهُم مجردُ قرابتِهِم مِنَ الرسول -صلَّى الله عليه وسلم-، من غيرِ عملٍ صالحٍ، وإنما ينفعُهُم عملُهُم الصالحُ، فإذا كان هذا في حقِّ قرابة الرسولِ -صلَّى الله عليه وسلم- فكيفَ بغيرهِم ؟
✉️ مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٥٩)
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- :
فالواجبُ على المسلمِ أن ينقذَ نفسه مِنَ النار، كلّٰ إنسانٍ ينقذُ نفسه، ولا أحدُ ينقذُ أحدًا، لا الأبُ ينقذ أبناءَهُ، ولا الأبناءُ ينقذون آباءهم، ولا الأخُ ينقذ أخاه، ولا القريبُ ينقذُ قريَبه، هذا إنما يكونُ في الدنيا، الناسُ يتعاونون في الدنيا على دفعِ المكارهِ وتحمُّلِ المشاقِّ، ويدافُع بعضهم عن بعض، ويحمي بعضهم بعضًا في هذه الدنيا، أما في الآخرة فلا أحدٌ يدفَعُ عن أحدٍ { لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا } [الانفطار:١٩]
✉️ مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٥٩)
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- :
هذا قعرُها -والعياذُ بالله- وستملأُ يومَ القيامَةِ مِنَ الخلقِ الذين ضيَّعوا أنفسهم في هذه الدنيا، وضيَّعوا أعمارهُم وأوقاتهُم، وداهمهُمُ الموتُ وهم على غيرِ استعدادٍ، سيصلونَ إلى هذه النارِ، وهم سُكانُها -والعياذ بالله- وقودُ النارِ وحطبُها، والإنسانُ كُلُّ إنسانٍ .. فهو على خطرٍ عظيم؛ لأنه لا يدري : هل يكون مِنَ الناجين أو مِنَ الهالكين ؟ فكيف يطمئنُ الإنسانُ ويأمَنُ على نفسه، وهو لا يدري : هل ينجو أو لا ينجو ؟
✉️ مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٦٠)
مطويات رمضانية قيمة
مجموعة مطويات رمضانية قيمة
للتحميل من شبكة الآجري:

تطبيق يساعد على تفريغ المحاضرات لأجهزة الأيفون
بواسطة تطبيق voice master الداعم للغة العربية يمكنكم قراءة المحاضرة أو المقطع الصوتي الذي تريدون تفريغه وسيقوم التطبيق بكتابته بعد ذلك ما عليكم إلا النسخ واللصق
للتحميل من الرابط التالي:
https://itunes.apple.com/us/app/voice-master/id844316766?mt=8
مجالس شهر رمضان المبارك (المجلس الثالث عشر)
ففي خلقِ إبليسَ وفي إيجادِهِ وفي إغوائِهِ حكمةٌ عظيمةٌ، إذْ لولاه لم يتميزُ المؤمنُ مِنَ الكافِرِ، ولم يتميز الطيبُ من الخبيثِ، ولم يحصل الولاءُ والبراءُ، ولم يحصل الجهادُ في سبيل الله، ففي وجودِهِ مصالحُ، وإن كان فيه مضرةٌ على مَنِ اتبعه، ولكن في ذلك مصالح عظيمة للمؤمنين الصادقين .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٥٤)
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- :
الاستعاذةُ باللسانِ لا تكفي ولا تنفع، وإذا استعاذَ بالله من الشيطان، فليترك أعمالَ الشيطان، وأن يبتعدَ عن المعاصي والمخالفات، وأن يتوبَ إلى الله -عز وجل- مما حَصَلَ منه .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٥٧)
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- :
ومن أشدِّ ما حصلَ للشيطانِ مِنَ الخسارةِ والنكبةِ، بعثهُ محمدٍ -صلَّى الله عليه وسلم-، فإن اللهَ أنقذَ بِهِ كثيرًا من البشرية، وهداهُم إلى الصراطِ المستقيم، ولا يزالُ الإسلام -ولله الحمد- واضحًا جليًا، يعتصمُ بِهِ من أرادَ اللهُ هدايته ونجاتَهُ مِنَ الشيطانِ، فالطريقُ واضحٌ لمن يريدُ النجاةَ .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٥٧)
مجالس شهر رمضان المبارك (المجلس الثاني عشر)
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- :
والنارُ لها عدةُ أسماءٍ، النارُ وجهنمُ والسعيرُ وسقرُ والجحيمُ والهاويةُ، وغيرُ ذلك من أسمائِهَا، مما يدلُّ على أنها دركاتٌ كثيرةٌ، وأنَّ أهلها متفاوتون في تعذيبهم فيها، ومنازِلِهم منها، وكما أخبر النبي -صلَّى الله عليه وسلم- : « إنَّ أهونَ أهلِ النارِ عذابًا من يوضعُ في أخمصِ قدمِه جمرةٌ يغلي منها دماغُهُ »، وفي روايةٍ : « يلبسُ نعلين من نارٍ يغلي منهما دماغُهُ، ما يَرَى أن أحدًا أشدّ عذابًا منه مع أنه أهونُ أهلِ النارِ عذابًا »
هذا أخفُّهم عذابًا، فكيف بأشدِّهم عذابًا -والعياذ بالله- ؟
✉️ مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٥٢)
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- :
فشرابُهُم -والعياذ بالله- أقبحُ الشرابِ وأحرُّه، وأشدُّه حرارةً، يشوِي الوجوهَ، إذا أقبلَ على وجهِ الشاربِ انسلخَ وجهُهُ وسقطتْ جلدةُ وجهِهِ من شدةِ حرِّه، وطعامهُمُ الزقومُ والضريعُ، لا يسمنُ ولا يغني من جوع، فهم دائمًا في جوعٍ، يأكلون ولكن لا يذهبُ عنهم الجوعُ، ويشربون ولا يذهبُ عنهم الظمأ، كلما شربوا زادَ عطشهم .
✉️ مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٥٢)
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- :
فالحاصلُ : أن المؤمنين العصاةَ على خطرٍ عظيم، فلا يغترُّ الإنسان ويقولُ : أنا مؤمنٌ، ثم يفعلُ ما يفعلُ مِنَ المعاصي ويتساهل فيها، ويظنُّ أنها لا تضرُّهُ .
المعاصي -والعياذ بالله- خطرُها عظيم، توردُ صاحبها النارَ ويعذَّبُ فيها، وقد يبقى فيها مئاتُ السنين، ثم يخرجُ منها بعدَ ذلك، فالخطرُ عظيمٌ .
✉️ مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٥٣)
مجالس شهر رمضان المبارك (المجلس الحادي عشر)
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- :
فلنحاسب أنفسنا في هذه العشرِ التي مضت كيف قضيناها وهل حفظناها بطاعةِ الله -عز وجل- واستفدنا منها فمن كان قد أحسنَ فيها وحفِظَهَا فعليه بالتزودِ والإكمالِ لبقية الشهرِ ومن كان مفرطًا في العشرِ الماضية ومتكاسلاً فعليه بالتوبة والاستدراكِ لما بقيَ من هذا الشهرِ قبل أن يفوتَ كلُّه ولم يحصل على شيء .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٤٦)
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- :
فحريٌّ بنا ونحنُ المُقَصِّرونَ ونحنُ أهل الكسلِ وأهلُ الغفلةِ وأهلُ الذنوبِ والمعاصي، حريٌّ بنا أن ننتبَّه لأنفُسِنَا وأن نستغلَ هذه الأيامَ وهذه اللياليَ قبلَ أن تفوتَ ولن تعودَ، فنخسرَهَا وهي من أعمارِنَا، ما يمرُّ عليكَ لحظةٌ أو يومٌ أو أسبوعٌ أو شهرٌ أو سنةٌ إلا وذلكَ من عمرِكَ ولن يعودَ إليكَ، ولكن إذا تُبتَ إلى اللهِ وأصلحتَ العملَ وتداركت تابَ اللهُ عليك، وأما إذا استمررت في المخالفةِ وفي الغفلةِ وفي الإعراضِ ذَهَبَ عمرُكَ كله خسارةً عليك كما قال -سبحانه وتعالى- :
{ وَالْعَصْرِ (١) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (٣) } [العصر:١-٣]
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٤٩)
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان -حفظه الله- :
الربح إنما هو بالأعمال الصالحة وليس الربحُ في الأموالِ ولا بالجاهِ ولا بالنسبِ وإنما الربحُ بالأعمال الصالحة، فإنَّ كان الإنسانُ وُفِّقَ للعمل الصالح في حياته هذه، فهذا هو الرابحُ ولو كانَ من أفقر الناس ولو كان من أدنى الناس في نسبه أو مرتبته ما دامَ أنه في طاعة الله -عز وجل- فهو العزيزُ عند الله وهو الشريفُ عند الله .
مجالس شهر رمضان المبارك، صفحة (٤٩)
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)